فصل: استيلاء ركن الدولة على طبرستان وجرجان.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.العهد لبختيار.

وفي سنة خمس وأربعين وثلثمائة طرق معز الدولة مرض استكان له وخشي على نفسه فأراد العهد لابنه بختيار وعهد إليه بالأمر وسلم له الأموال وكان بين الحاجب سبكتكين والوزير المهلبي منافرة فأصلح بينهما ووصاهما بابنه بختيار وعهد إليه بالأمور واعتزم على العود إلى الأهواز مستوحشا هواء بغداد فلما بلغ كلواذا اجتمع به أصحابه وسفهوا رأيه في الانتقال من بغداد على ملكه وأشاروا عليه بالعود إليها وأن يستطيب الهواء في بعض جوانبها المرتفعة ويبني بها دورا لسكنه ففعل وأنفق فيها ألف ألف دينار وصادر فيها جماعة من أصحابه.

.استيلاء ركن الدولة على طبرستان وجرجان.

وفي سنة إحدى وخمسين وثلثمائة سار ركن الدولة إلى طبرستان وبها وشمكير فحاصره بمدينة سارية وملكها ولحق وشمكير بجرجان وترك طبرستان فلكها ركن الدولة وأصلح أمرها ثم سار إلى جرجان فخرج عنها وشمكير واستولى عليها ركن الدولة واستأمن إليه من عسكر وشمكير ثلاثة آلاف رجل فازداد بهم قوة ودخل وشمكير بلاد الجيل مسلوبا واهنا.

.ظهور البدعة ببغداد.

وفي هذه السنة كتب الشيعة على المساجد بأمر معز الدولة لعن معاوية بن أبي سفيان صريحا ولعن من غصب فاطمة فدك ومن منع أن يدفن الحسن عند جده ومن نفى أبا ذر الغفاري ومن أخرج العباس من الشورى ونسب ذلك كله لمعز الدولة لعجز الخليفة ثم أصبح ممحوا وأراد معز الدولة إعادته فأشار عليه الوزير المهلبي بأن يكتب مكانه لعن الله الظالمين لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يذكر أحدا باللعن إلا معاوية رضي الله عنه.

.وفاة الوزير المهلبي.

وفي ستة اثنتين وخمسين سار المهلبي وزير معز الدولة إلى عمان ليفتحها فلما ركب البحر طرقه المرض فعاد إلى بغداد ومات في طريقه في شعبان من السنة ودفن ببغداد وقبض معز الدولة أمواله وذخائره وقبض على حواشيه وحبسهم ونظر في الأمور بعده أبو الفضل بن العباس بن الحسن الشيرازي وأبو الفرج محمد بن العباس بن نساقجر ولم يتسموا باسم الوزارة.

.استيلاء معز الدولة ثالثا على الموصل.

كان ناصر الدولة بن حمدان قد ضمن الموصل كما تقدم وأجابه معز الدولة إلى ضمانه فبذل له ناصر الدولة زيادة على أن يدخل معه في الضمان أبو ثعلب فضل الله الغضنفر ويحلف لهما معز الدولة فأبى من ذلك وسار إلى الموصل منتصف ثلاث وخمسين وثلثمائة ففارقها ابن حمدان إلى نصيبين وملكها معز الدولة ثم خرج إلى طلب ابن حمدان منتصف شعبان واستخلف على الموصل بكتورون وسبكتكين العجمي وسار ابن حمدان عن نصيبين وملكها معز الدولة وخالفه ابن حمدان إلى الموصل وحارب عسكر معز الدولة فيها فهزموه وجاء الخبر إلى معز الدولة فظفر أصحابه بابن حمدان وسار ونزل جزيرة ابن عمر فسار في اتباعه فوصل سادس رمضان فوجده قد جمع أولاده وعساكره إلى الموصل فأوقع بأصحاب معز الدولة وأسر الأميرين اللذين خلفا بها واستولى على ما خلفوه من مال وسلاح وحمل الجميع مع الأسرى إلى قلعة كواشى فأعيا معز الدولة أمره وهو من مكان إلى مكان في اتباعه فأجابه إلى الصلح وعقد عليه ضمان الموصل وديار ربيعة والرحبة بمال قرره فاستقر الصلح على ذلك وأطلق ابن حمدان الأسرى ورجع معز الدولة إلى بغداد.

.استيلاء معز الدولة على عمان.

قد تقدم لنا أن عمان كانت ليوسف بن وجيه وأنه حارب بني البريدي بالبصرة حتى قارب أخذها حتى عملوا الحيلة في إضرام النار في سفنه فولى هاربا في محرم سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة وأنه ثار عليه مولاه في هذه السنة فغلبه على البلد وملكها من يده ولما استوحش معز الدولة من القرامطة كتب إليهم ابن وجيه صاحب عمان يطمعهم في البصرة واستمدهم في البر وسار هو في البحر سنة إحدى وأربعين وسابقه الوزير المهلبي من الأهواز إليها وأمده معز الدولة بالعساكر والمال فاقتتلوا أياما ثم ظفر المهلبي بمراكبه وما فيها من سلاح وعدة ولم يزل القرامطة يثاورونها حتى غلبوا عليها سنة أربع وخمسين وثلثمائة واستولوا عليها وهرب رافع عنها وكان له كاتب يعرف بعلي بن أحمد ينظر في أمور البلد والقرامطة بمكانهم من هجر فاتفق قاضي البلد وكان ذا مشير وعصابة على أن ينصبوا للنظر في أمورهم أحد قوادهم فقدموا لذلك ابن طغان ففتك بجميع القواد الذين معه وثأر منه بعض قرابتهم فقتلوه فاجتمع الناس على تقديم عبد الوهاب بن أحمد بن مروان من قرابة القاضي مكانه فولوه واستكتب علي بن أحمد كاتب القرامطة قبله من الجند فامتعضوا لذلك فدعاهم إلى بيعته فأجابوه وسواهم في العطاء مع البيض فسخط البيض ذلك ودارت بهم حرب سكنوا آخرها واتفقوا وأخرجوا عبد الوهاب من البلد واستقر علي بن أحمد الكاتب أميرا فيها ثم سار معز الدولة إلى واسط سنة خمس وخمسين وثلثمائة وقدم إليه نافع مولى ابن أخيه الذي كان ملكها بعد مولاه فأحسن إليه وأقام عنده حتى فرغ من أمر عمران بن شاهين وانحدر إلى الأبلة في رمضان من السنة وجهز المراكب إلى عمان مائة قطعة وبعث فيها الجيوش بنظر أبي الفتوح محمد بن العباس وتقدم إلى عضد الدولة بفارس أن يمدهم بالعساكر من عنده فوافاهم المدد بسيراف وساروا إلى عمان فملكوها يوم الجمعة يوم عرفة من السنة وفتكوا فيها بالقتل وأحرقوا لهم تسعين مركبا وخطب لمعز الدولة وصارت من أعماله.